يسرني في هذا المقال الحكاية، تسليط الضوء على عائلة محمد رافي العُمانية وبالذات هيثم محمد رافي. هنا الحكاية لتبدأ من الجد…..
في السبعينيات، جلس شاب عماني وسط جمهور مغنيه الهندي المفضل محمد رافي في حفل موسيقي في أبوظبي. حينها وصلته رسالة بأن زوجته على وشك الولادة. وبعد ساعات قليلة وُلد طفل جميل وبدون تردد أطلق عليه الأب الفخور “محمد رافي البلوشي”تيمناً بفنانه المفضل.
محمد رافي
مع مرور السنوات، كبر الصبي مع اسمه الأسطوري مثلما نمت موهبته وازداد حبه للغناء. أظهرت قلة الوسائل والمصادر أنه لم تكن هناك فرص حقيقية لتطوير مهاراته احترافياً؛ ولكن هذا لا يكاد يهم للفنان بالفطرة. كان محمد رافي يجلس في المنزل ويستمع إلى الموسيقيين العرب والهنود المشهورين، مما يجعل أصواتهم المسجلة في ذهنه بمثابة معلميه. وكان يغني بصوت عال لنفسه ولأفراد عائلته الذين يقدرون جهوده ويشجعوه على الاستمرار في الغناء، حتى لو كان لهم فقط.
تغير كل شيء عندما التقى محمد د. سانجاي دلال في عام 2006. وقد كان د. سانجاي دلال الرجل الفذ وراء اقتناص المواهب في عُمان، وهي المؤسسة التي تعزز وتوفر منصة للمواهب المحلية والمغتربين في السلطنة. تعرَف د. سانجاي على موهبة محمد رافي عندما أبهر الجمهور وفاجأهم بأدائه في مسابقة Muscat Icon وحل وصيفاً، في حين لم يكن لديه أي تدريب مهني سابق. بمساعدة د. سانجاي بدأ محمد رافي بتقديم عروض في جميع أنحاء مسقط وإمتاع الجمهور بغناء الأغاني العربية والهندية.
أسماء محمد رافي
كان محمد رافي بين حين وآخر يحضر معه ابنته الصغرى أسماء محمد رافي إلى البروفات. وقال أنها تتجول في المكان وتلتقط بعض الإيقاعات. وفي يوم من الأيام، سمعها د. سانجاي وسألها إذا ما كانت تستمتع بالغناء. قالت أسماء أنها يمكن أن تغني قليلا بالرغم من أنها لم تكن تتحدث باللغة الهندية بشكل جيد، لكنها التقطت بعض الكلمات ونطقت كلمات لا تشوبها شائبة وقد بدأت الغناء مع مجموعة مسقط Muscat Icon Group ، وبذلك أصبحت الجيل الثاني لعائلتها من المواهب الفنية.
وبعد بضع سنوات، بدأت Zee TV تبحث عن المواهب من مختلف البلدان وظهر اسم أسماء على الفور. حاز صوتها القوي، وجودة وجمال غناءها، وثقتها المذهلة على القلوب وأخذت مكانها في البرنامج الذي تم بثه إلى الملايين في الهند وعبر العالم. وكانت أكبر قوة لها في المنافسة هي ثقتها العالية وحضورها القوي على المسرح، الذي كان غير متوقع من امرأة شابة ولدت في مجتمع محافظ نسبياً.
كانت الضجة في الهند مع لافتات تحمل صورتها واسمها يعكسان محبتها وشهرتها. كان الناس يحومون حولها للتوقيع والتصوير ويشاركونها أطيب تمنياتهم. تنافست أسماء جيداً وفي نهاية المطاف وصلت للمراكز العشرة الأولى من المنافسة الشاملة. استمرت مسيرتها الفنية لبضع سنوات بعد عودتها إلى عُمان، حيث لا يزال الناس يتعرفون عليها من خلال هذا البرنامج. وقد عرضت عليها عروض غناء احترافية وحلت كضيف رئيسي في إحدى العروض المحلية وحكم لبرنامج منافسة جديد، ومع ذلك، بعد الزواج، قالت أسماء أنها وضعت الميكروفون جانباً وأنهت حياتها الفنية. لكن هذا كان بعيداً عن نهاية الإرث الموسيقي لعائلة محمد رافي.
هيثم محمد رافي
شقيق أسماء الأصغر هيثم محمد رافي، كان لديه شغف الغناء والعزف على الآلات في سن مبكرة جداً وكان والده مصدر إلهام له، ومثله كان هيثم يعلم نفسه. لذلك، عندما علم د. سانجاي ، مدير مواهب عائلته منذ فترة طويلة، بمسابقة (القلب الهـندي) Dil Hai Hindustani ، رأى أن هذا يمكن أن يكون مصيرياً لهيثم.
المنافسة كانت صعبة، مع الآلاف من المشاركين من مئات البلدان في جميع أنحاء العالم. أرسل هيثم لأول مرة تسجيله الصوتي إلى الهند. بعد الانتظار العصبي، علم أنه قد تم وضعه في القائمة القصيرة، مما جعله واحداً من بين 400 متسابق فقط من جميع أنحاء العالم الذين تم اختيارهم.
وصل هيثم إلى مومباي حيث تلقى أول تدريب رسمي له من أي وقت مضى من الموجهين في صناعة الترفيه الهندية. كانت خطوة كبيرة بالنسبة له. بعد أسبوعين من التدريب المكثف والتمحيص، كان الوقت قد حان بالنسبة له للأداء في المرحلة الرئيسية من منافسة Dil Hai Hindustani أمام جمهور مباشر يصل إلى الآلاف، فضلا عن ملايين المشاهدات على التلفاز والمشاركات اللامتناهية في وسائل التواصل الاجتماعي.
مع ثقته المتواضعة، والدشداشة العمانية والمُصر العماني الملون (العمامة)، سيطر هيثم على المسرح بأدائه. كانت القاعة صامتة عندما بدأ الغناء. انهى أغنيته وفتح عينيه، ونظر إلى الجمهور الكبير وضجت القاعة بالتصفيق الحار.
بأدائه المذهل أثار هيثم إعجاب الحكام وحصل على مكانه في المسابقة. بعد جولة وأخرى، تحسن هيثم كثيراً وأصبح أكثر ثقة مع التدريب لكي يصل بموهبته إلى المستوى التالي. في كل الأحوال، تبقى عينيه ثابتة على الجائزة دائماً وبالتأكيد كان هيثم يعيش الحلم ليبقى ضمن أفضل 5 مرشحين لنهائي المسابقة، وقد اجتمع وتفاعل مع كبار الأسماء في الصناعة الهندية الذين يأتون إلى العرض كحكم ضيف، وقد حفر هيثم اسمه وصوته في عقولهم. وتتوالى تحقيق الأحلام حيث التقى هيثم بالممثل الاسطوري شاروخان Shah Rukh Khan وتحقق حلم جميل.
1 أبريل 2017 ميلاد نجم
إذ فـي 2017 بكل جسارة واستحقاق فاز هيثم في مسابقة Dil Hai Hindust وخطف اللقب من المشاركين من أنـحاء العالم وقد أهدى فوزه لأمه. وها هنا يتطلع هيثم رافي لفرصة للغناء في فيلم بوليوودي. فرصة لتغيير الحياة.
ماذا بعد؟!
بعد ذلك، شارك هيثم في العديد من المنافسات حول العالم واحيا الكثير من الحفلات والفعاليات محلياً وعالمياً. على سبيل المثال لا الحصر، في 2019 تمكن هيثم من تحقيق شهرة واسعة في أوكرانيا عقب مشاركته في مسابقة المواهب الموسيقية “ذا فويس”.
برنامج بوليفارد المواهب
حالياً، يشارك هيثم في برنامج بوليفارد المواهب في إطار فعاليات موسم الرياض 2021-2022 الذي تم إطلاقه منذ أكتوبر الماضي، وهو “واحد من البرامج المميزة لاكتشاف المواهب الشابة في عالم الغناء وفيه يلتقي مطربون صاعدون يعملون بجد ليلًا ونهارًا من أجل التطور والتقدم في حياتهم المهنية والفنية ليصبحوا نجوم الغناء في العالم العربي”.
يستمتع الجمهور بشدة بأداء هيثم الذي يفوق الوصف والخيال بمعنى الكلمة! لما لا؟! ففي كل مرة يغني، يفاجأ الجمهور بالغناء باحترافية بمختلف اللهجات العربية. يمكنكم متابعة برنامج بوليفارد المواهب ودعم وتشجيع هيثم وأصدقائه ليخطو خطوات أكثر وتكبر أحلامه معكم وتتجدد على مرأى من ذكرياتكم. في الختام، وفي هذه اللحظة ستسمعون تصفيقاً حاداً من الحضور لهيثم محمد رافي.
“على الرغم من أن هيثم هو الآن أحد أفراد عائلة رافي في دائرة الضوء، إلا أن إرثه العائلي لا يزال مستمرا على نحو أكثر هدوءً، حيث بدأ أخوته الأصغر سنا، أمين وبسام وفاطمة البدء في الدندنة والغناء.
كما يلعب صغار عائلة رافي ببراءة حول أزقة قريتهم، تلقى صوت أغانيهم الحلوة صدى قبالة الجدران الحجرية. وقد يكون إرث عائلتهم الموسيقية بدء فعلاً، لكن أقدارهم لم تُكتشف بعد”.
ترجمة من الإنجليزية وتصرف وإضافات: لبنى البلوشي
المصدر: Times of Oman, 2017